في السنوات الأخيرة، قدّم عدد كبير من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا طلبات للحصول على الجنسية التركية عبر الطريق الاستثنائي. إلا أن العديد من السوريين يواجهون عبارات من قبيل "تم رفع طلب الجنسية من المعاملة" أو "تم إلغاؤه" بدون أي توضيح.
هذا الوضع يترك آلاف المتقدمين في حالة غموض قانوني ويسبّب مظالم جدية. في هذا المقال نشرح بالتفصيل أسباب إلغاء طلبات الجنسية الاستثنائية، ومعنى “الرفع من المعاملة”، وطرق الاعتراض المتاحة قانوناً.
الجنسية الاستثنائية هي طريقة خاصة منصوص عليها في المادة 12 من قانون الجنسية التركية رقم 5901، تسمح بمنح الجنسية لبعض الأشخاص دون استيفاء الشروط العادية (مثل الإقامة 5 سنوات)، وذلك بقرار من رئاسة الجمهورية.
تُطبّق هذه الطريقة خصوصاً على:
• الأشخاص الذين يساهمون في تركيا أو يُرى أن منحهم الجنسية مفيد للدولة،
• الأجانب الذين لديهم أنشطة مهمة في مجالات العلم والثقافة والاقتصاد والفن والاستثمار.
غالباً ما يُقيَّم السوريون ضمن الفئة “12/1-ج” (الأشخاص الذين يُرى مناسباً تجنيسهم).
“الرفع من المعاملة” يعني اعتبار طلب الجنسية المقدم غير نافذ من قبل الإدارة أو حذفه بالكامل من النظام.
في هذه الحالة:
• لم يعد الطلب نشطاً،
• يُغلق الملف أمام المراجعة،
• عندما يدخل صاحب الطلب إلى النظام يرى تنبيهاً مثل “لا يوجد طلب” أو “تم رفعه من المعاملة”.
عادة يُنفّذ هذا القرار دون أي تبليغ خطّي، وهو ما يشكّل مشكلة خطيرة من حيث الأمن القانوني وحق الدفاع.
أكثر الأسباب شيوعاً لقرارات الرفع من المعاملة في ملفات السوريين هي:
أ. فحص الأمن أو النظام العام
إذا أسفرت البحوث الأمنية والأرشيفية التي تجريها وزارة الداخلية أو وحدات الأمن عن:
• “سلوك مخالف للنظام العام”،
• “شبهة ارتباط بتنظيم غير قانوني”،
• “إدلاء ببيانات كاذبة أو استخدام وثائق مزورة”،
فيمكن إلغاء الملف.
خاصة لدى بعض السوريين قد تُعتبر حالات مثل أرقام هويات مختلفة، الانتقال بين المخيمات أو تسجيل مزدوج أسباباً للاستبعاد من التقييم.
ب. نقص المستندات أو عدم حداثتها
• نقص صورة الهوية أو شهادة الميلاد أو روابط الأسرة أو الترجمات أو مستندات الأبوستيل،
• فقدان صلاحية المستندات المقدمة أثناء الطلب،
• أخطاء في الترجمة أو التصديق لدى الكاتب بالعدل،
كل ذلك قد يؤدي إلى رفع الملف من المعاملة لأسباب تقنية.
ج. التعليق/الإيقاف الإداري أو النظامي
في بعض الحالات، ومن دون تقييم سلبي محدد، قد تتخذ الإدارة—بسبب قرار سياسي أو تغيير في السياسات—قرارات “رفع طلبات الجنسية للسوريين من المعاملة” بشكل واسع.
وقد لوحظ ذلك بشكل متكرر خلال عامي 2023–2024، حيث رُفعت ملفات الجنسية الخاصة بالسوريين بشكل جماعي من الأنظمة.
د. الحذف دون تبليغ
أكبر شكوى لدى السوريين هي رفع ملفاتهم دون إشعار.
غالباً ما لا يُقدَّم لمن تم إلغاء أو رفع طلباتهم:
• أي كتاب رسمي،
• ولا بيان واضح للأسباب.
وهذا يتعارض مع المادة 40 من الدستور التي تكفل حق التقاضي وواجب التبليغ.
عندما يُرفع طلب الجنسية من المعاملة:
• لا يعود الشخص ضمن مسار الحصول على الجنسية،
• ولا يُعاد إلى النظام إلا بحكم قضائي،
• وتصبح جميع الموافقات أو مراحل التقييم السابقة غير نافذة.
أ. المراجعة الإدارية (طلب خطّي)
في المرحلة الأولى، يتقدم الشخص بطلب رسمي إلى المديرية العامة لشؤون النفوس والجنسية أو مديرية النفوس في الولاية طالباً تبليغه بالقرار.
ب. دعوى الإلغاء
إذا لم تُجب الإدارة أو جاء الرد سلبياً، يجب رفع دعوى إلغاء خلال 60 يوماً أمام المحكمة الإدارية. وإلا يصبح قرار رفع الجنسية من المعاملة قطعياً وقد يُحذف من النظام بشكل كامل.
يُستند في عريضة الدعوى إلى:
• تنفيذ الإجراء دون تبليغ،
• عدم المشروعية من حيث الاختصاص أو الشكل أو السبب،
• نقص الفحص والتحقيق،
• مخالفة مبدأ المساواة.
إذا تبيّن للمحكمة أن الإدارة اتخذت إجراءً غير معلل، يمكنها إبطال القرار والحكم بإعادة تقييم الملف.
ج. طلب وقف التنفيذ
لمنع تفاقم الضرر أثناء الدعوى، يمكن طلب وقف تنفيذ الإجراء مؤقتاً.
د. مرحلة الاستئناف ومجلس الدولة
إذا كان حكم الدرجة الأولى سلبياً، يمكن اللجوء إلى الاستئناف لدى المحكمة الإدارية الإقليمية ثم التمييز أمام مجلس الدولة.
هـ. طرق استثنائية
إذا جاءت جميع الأحكام الوطنية سلبية، يمكن—ضمن المدد—اللجوء إلى الطرق غير العادية: المحكمة الدستورية ثم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
“استمرت عملية الجنسية الخاصة بي 3 سنوات. كان يظهر في بوابة الحكومة الإلكترونية: ‘قيد التقييم’. في أحد الأيام رأيت عبارة ‘لا يوجد طلب’. ذهبت إلى مديرية النفوس فأخبروني أن ملفي رُفع من المعاملة. لم يُقدَّم لي أي كتاب أو سبب…”
يمثّل هذا المثال حالةً نموذجيةً يمرّ بها آلاف السوريين في تركيا.
إن عدم بدء المسار القضائي يعني زوال الطلب بالكامل، ولن يُعاد الشخص إلى المسار من تلقاء نفسه.
رغم أن الجنسية الاستثنائية تستند إلى سلطة تقديرية للدولة، لا تملك الإدارة سلطة اتخاذ إجراءات تعسفية.
يجب أن تكون قرارات الرفع من المعاملة معللة ومبلّغة وخاضعة للرقابة القضائية.
ولتجنّب المظالم، من المهم جداً للسوريين أن تُدار عمليات الاعتراض والدعاوى باحتراف وبمرافقة قانونية مناسبة.
1. ماذا يعني قرار “الرفع من المعاملة”؟
“الرفع من المعاملة” يعني أن الإدارة تعتبر طلب الجنسية غير نافذ أو خارج التقييم.
في هذه الحالة يصبح الطلب غير نشط ويخرج الشخص من مسار الجنسية.
عادة يُتخذ هذا القرار بسبب:
• نقص المستندات،
• نتيجة سلبية في الفحص الأمني،
• تغيّر سياسي أو إداري.
لم يعد صاحب الطلب في مرحلة التقييم، وتصبح إمكانية نيل الجنسية منعدمة.
2. لماذا قد يُرفع طلبي من المعاملة؟
تختلف أسباب الرفع من المعاملة. الأكثر شيوعاً:
3. هل الرفع من المعاملة هو نفسه “رفض الطلب”؟
لا.
• “الرفض” قرار سلبي معلل من الإدارة ويُبلّغ للشخص.
• “الرفع من المعاملة” غالباً ما يعني إخراج الملف من النظام دون تبليغ.
أي أن “الرفض” معلل، بينما “الرفع من المعاملة” ذو طابع الحذف الإداري.
4. كيف أعرف أن طلبي رُفع من المعاملة؟
• في بوابة الحكومة الإلكترونية أو موقع المديرية العامة لشؤون النفوس والجنسية قد يظهر: “لا يوجد طلب” أو “رُفع من المعاملة”.
• يمكن أيضاً إجراء استعلام رسمي لدى مديرية النفوس في الولاية.
• لكن غالباً لا يتم أي تبليغ خطي للشخص.
لذلك يُنصح بتقديم طلب معلومات رسمية (وفق قانون الحق في الحصول على المعلومات رقم 4982) عن طريق محامٍ.
5. ماذا يمكن فعله ضد قرار الرفع من المعاملة؟
بما أنه إجراء إداري، يمكن اتباع ما يلي:
6. لم يتم تبليغي بقرار الرفع. هل هذا انتهاك؟
نعم. لكن بما أن القرار صادر عن الجهة المختصة فهو يُنتج أثره؛ لذلك من الضروري الحصول على قرار قضائي إيجابي.
إن تنفيذ قرار الرفع دون تبليغ يُعد انتهاكاً لحقوق التقاضي والدفاع المكفولة في المادة 40 من الدستور.
7. هل يمكن إعادة تفعيل ملف الجنسية الذي رُفع من المعاملة؟
في الظروف العادية لا؛ لكن يمكن ذلك فقط إذا:
8. ما مدى أهمية الفحص الأمني في مسار الجنسية؟
مهم جداً.
بما أن الجنسية الاستثنائية تعتمد على تقدير رئاسة الجمهورية، فإن أبسط شبهة في البحث الأمني قد تؤدي إلى إيقاف الملف.
تجري هذه الأبحاث لدى:
• مديرية الأمن العام،
• جهاز الاستخبارات الوطنية،
• رئاسة إدارة الهجرة.
ويمكن تقييم النتائج السلبية قضائياً عبر الاعتراض وتقديم الأدلة.
9. من يملك حق رفع دعوى ضد قرار الرفع من المعاملة؟
يمكن لمقدّم الطلب رفع الدعوى بنفسه.
لكن بسبب الطبيعة الفنية لقانون الأجانب والإدارة، يُنصح بشدة بالتقاضي عبر محامٍ مختص.
سيفحص المحامي الدعوى من حيث:
• الاختصاص والشكل،
• الأصول والسبب،
• توازن المنفعة العامة والمنفعة الشخصية.
10. هل يمكن استعادة الجنسية بحكم قضائي في ملف رُفع من المعاملة؟
إذا اعتبرت المحكمة الإجراء غير مشروع وأبطلت القرار، تصبح الإدارة ملزمة بإعادة التقييم.
هذا يعني إدراج صاحب الطلب من جديد في مسار نيل الجنسية.
لكن المحكمة لا تحكم مباشرةً بـ“منح الجنسية”، بل تبطل قرار الإدارة.
11. لماذا يواجه السوريون قرارات الرفع من المعاملة أكثر من غيرهم؟
لأسباب متعددة:
• لأن وجود الحماية المؤقتة لا يمنح الجنسية تلقائياً،
• وجود تعارضات محتملة في سجلات الهوية أو المخيمات،
• الضغوط السياسية والسياسات المرحلية،
• تطبيقات التنظيف الجماعي للملفات.
لذلك تُعلّق ملفات الجنسية الاستثنائية للسوريين أكثر من غيرهم.
12. هل يؤدي الرفع من المعاملة إلى خطر الترحيل؟
إذا كان الشخص تحت الحماية المؤقتة فلا يُتخذ بحقه قرار ترحيل مباشرة.
أما إذا كان خارج الحماية المؤقتة ولا يحمل إقامة واستمر في البقاء داخل تركيا، فقد تبدأ إدارة الهجرة إجراءات الترحيل.
لذلك يجب متابعة تحديث الوضع القانوني بدقة.
13. ما المستندات التي يجب جمعها بعد قرار الرفع؟
• وثائق الهوية والتسجيل (رقم الهوية الذي يبدأ بـ 99)،
• سجلات إدارة الهجرة،
• استمارات الطلب وصور شاشة تتبع الطلب،
• تصاريح الإقامة، ومستندات الكاتب بالعدل، والترجمات،
• إذا لم يتم التبليغ، عريضة طلب التبليغ.
تُستخدم هذه الوثائق كـ أدلة أثناء الدعوى.
14. هل التوكيل بمحامٍ إلزامي للطعن في القرار؟
ليس إلزامياً، لكن مُوصى به بشدة.
قضايا الجنسية تقع عند تقاطع القانون الإداري وقانون الأجانب، وهي فنية للغاية.
أي خطأ شكلي، أو تفويت مواعيد، أو نقص في العريضة قد يؤدي إلى رفض الدعوى.
وجود محامٍ خبير يرفع فرصة النجاح عبر إعداد العريضة واستراتيجية الأدلة بشكل صحيح.
15. هل القرار نهائي غير قابل للرجوع؟
لا، قانوناً توجد طرق الاعتراض ودعوى الإلغاء.
إذا ثبت للمحكمة أن الإجراء غير مبرّر أو غير أصولي، يُبطل القرار ويُعاد الملف للمعالجة.
لكن مواعيد المراجعة أو الدعوى هي 60 يوماً من التبليغ، وتفويتها يسبب فقدان الحق.
16. هل يمكن اللجوء دولياً ضد قرار الرفع؟
نعم.
بعد استنفاد جميع سبل الانتصاف الداخلية، يمكن:
• التقدّم بـ دعوى فردية أمام المحكمة الدستورية،
• وعند اللزوم الطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
تُرفع هذه الدعاوى على أساس الحق في محاكمة عادلة، وحظر التمييز، والحق في الانتصاف الفعّال.
17. متى يُعاد فتح ملف الجنسية السوري الذي رُفع من المعاملة؟
الملفات المرفوعة من المعاملة لا تُعاد تلقائياً؛ فالملف محذوف من النظام.
يبقى الملف خاملاً حتى تصدر الإدارة قراراً جديداً.
وإذا أُبطل القرار قضائياً، يبدأ عادة مسار إعادة التقييم خلال 6–12 شهراً.
18. هل يتأثر حقي في الحماية المؤقتة أو الإقامة؟
لا، رفع طلب الجنسية لا يؤثر مباشرة على وضع الحماية المؤقتة.
لكن إذا كان الشخص خارج الحماية المؤقتة ولا يحمل إقامة، فقد تنتهي الإقامة القانونية.
في هذه الحالة يجب المسارعة لتحديث الوضع أو طلب الإقامة.